لماذا لم يتضح أثر الشهر المجاني على دخل شركة الاتصالات..؟؟

الوطن السعودية ـ عبدالله ناصر الفوزان 03/02/2010

شركة الاتصالات أهدت (في خطوة حاتمية غير مسبوقة) مكالمات مجانية لمدة شهر كامل لعملائها في المملكة من مستخدمي الجوّال المفوتر بشبكتها خلال الفترة من 21/11 إلى 21/12/2009، والمفروض أن يترتب على هذا أمران.. الأول: أن تكثر المكالمات خلال الفترة المجانية وتقل خلال الفترة السابقة واللاحقة... والثاني وهو الأهم: أن يتأثر دخل الشركة في مركزها المالي خلال ربعها السنوي الأخير من العام الماضي الذي وقعت ضمنه فترة المكالمات المجانية.. فهل حصل هذا...؟؟

الشركة أعلنت عن مركزها المالي خلال ذلك الربع الأخير المتمثل في الأشهر الثلاثة الأخيرة من 1/9/2009 إلى 31/12/2009، وحتى نعرف هل تأثر دخلها خلال هذا الربع لابد أن نعرف أولاً دخلها خلال الربع الثالث الذي يسبق ذلك الربع الأخير ثم نقارن بين الربعين، وأرجو ملاحظة أني سأستخدم في المقارنة الإيرادات التشغيلية قبل تكلفة التشغيل والمصاريف، لأن ذلك هو الذي يؤدي الغرض كما أرى.

تقول أرقام مركز الشركة المالي إن الإيرادات التشغيلية للربع الثالث كانت (12.934) اثني عشر ملياراً وتسعمئة وأربعة وثلاثين مليون ريال، وإنها في الربع الرابع (12.998) اثنا عشر ملياراً وتسعمئة وثمانية وتسعون مليون ريال، أي أن الربع الرابع لم يتأثر بالشهر المجاني فينقص بل زاد بما يقارب (64) مليون ريال.

وحتى لا يقال إن الربع الرابع موسمي والمفروض أن تكون إيراداته أكثر من الثالث ولكن تقارب معه بسبب الشهر المجاني، فلابد أن نرجع للربعين في شركة (موبايلي) لنتعرف هل الربع الرابع أكثر عندها من الربع الثالث أم لا... وبالرجوع لربعي (موبايلي) نجد أن جملة دخلها في الربع الثالث كان (3.511) ثلاثة مليارات وخمسمئة وأحد عشر مليون ريال، وفي الربع الرابع (3.536) ثلاثة مليارات وخمسمئة وستة وثلاثين مليون ريال، أي متماثلين، أما ربع الاتصالات في العام السابق 2008 فقد كان أقل من ربعها الحالي بستمئة مليون ريال حيث كان (12.300) اثني عشر ملياراً وثلاثمئة مليون ريال.

وإذن فإن الربع الرابع لشركة الاتصالات الذي وقعت فيه فترة المكالمات المجانية لم تنخفض إيراداته عن الربع الثالث بل زادت فلماذا لم تفقد الشركة شيئاً من دخلها خلال هذا الربع مع أنها قد تنازلت لعملائها عن ثلث دخل الجوّال المفوتر داخل شبكتها في المملكة خلال تلك الفترة...؟؟

ولو أردنا أن نكون أكثر دقة وحاولنا معرفة دخل التلفون الجوّال في الربعين الثالث والرابع في شركة الاتصالات لنقارن بينهما مستبعدين دخل التلفون الثابت لكون هبة الشركة لم تشمله فسنجد أن أرقام المعلومات القطاعية في المركز المالي للشركة توضح أن الإيرادات التشغيلية للتلفون الجوّال خلال الربع الثالث (8.765) ثمانية مليارات وسبعمئة وخمسة وستون مليون ريال، في حين أنها في الربع الرابع بلغت (9.041) تسعة مليارات وواحد وأربعين مليون ريال، وهكذا فإن دخل الجوال قد زاد في الربع الرابع ولم ينقص فأين تأثير الشهر المجاني يا ترى..؟؟

أما لو سعينا للمزيد من الدقة لنعرف دخل التلفون الجوال داخل المملكة وليس خارجها لكون المجانية تشمل الداخل ولا تشمل الخارج فإننا لن نجد تلك المعلومات في المركز المالي لكن سنستطيع التوصل لها استنتاجاً مما قاله أحد مسؤولي الشركة الذي أفاد في وقت سابق أن 70٪ من إيرادات الشركة أتى من الداخل، فاعتماداً على ذلك يمكن القول إن الدخل الإجمالي للجوال داخل المملكة في الربع الثالث يقارب (6.135) ستة مليارات ومئة وخمسة وثلاثون مليون ريال. وفي الربع الرابع (6.328) ستة مليارات وثلاثمئة وثمانية وعشرون مليون ريال، أي أن جملة دخل الجوال داخل المملكة في الربع الرابع أكثر من دخله في الربع الثالث بما يقارب مئتي مليون ريال، فأين أثر الشهر المجاني يا ترى..؟؟

وقد كان بودي أن أستمر في الاستنتاج لأحدد بالضبط دخل الشركة من التلفون الجوّال داخل المملكة المفوتر وليس مسبق الدفع وللمكالمات الداخلية فقط وليس الخارجية، ولشبكة الاتصالات وليس الشبكات الأخرى حتى أستبعد كل المكالمات التي لا تسري عليها المجانية لكن لم أتمكن من هذا لعدم وجود المعلومات في المركز المالي للشركة، ولكن مع هذا أعتقد أن الرقم الأخير الذي توصلت إليه بالاستنتاج الخاص بدخل التلفون الجوال داخل المملكة والذي يوضح أن حصة الربع الرابع منه الذي اشتمل على الشهر المجاني قد زاد على الربع الثالث بما يقارب المئتي مليون ريال يوضح أن مركز الشركة المالي لا يتضح منه أن دخل الشركة قد تأثر مطلقاً بذلك الشهر المجاني.

وهنا يأتي السؤال الحاسم.. فلماذا لم تفقد الشركة شيئاً من دخلها خلال الربع الرابع الذي تضمن فترة الشهر المجاني، بل على العكس زاد هذا الدخل..؟؟ أعتقد أن هذا سؤال كبير سيدور في أذهان عملاء الشركة خاصة أولئك الذين يقولون إن الشركة بما قدمته لهم إنما أعادت لهم بعض ما أخذته منهم خلال الربكة الحاصلة في نظام الفوترة، والعملاء الآخرين الذين يقولون إنها ستأخذ بالشمال ما أعطتهم باليمين، وسيكون هذا السؤال مُتكئاً للذين يقولون إن شركة الاتصالات كانت تضحك علينا.

لذلك فإنه يحسن بشركة الاتصالات حتى تؤكد مصداقيتها لعملائها وتزيل كل عوامل الشك أن توضح وبالأرقام وليس بالكلام لماذا وكيف لم يتأثر بالسلب دخلها خلال الربع الرابع الذي تقع ضمنه فترة المكالمات المجانية.. وإذا كان انعكاس فترة الشهر المجاني لن يحصل إلا في الربع الأول من العام الجديد 2010 فإن هذه معلومة بالغة الخطورة يفترض أن تفصح عنها شركة الاتصالات لمساهميها وعملائها حتى تكون الصورة واضحة للجميع.

أنا واثق من أن الشركة يهمها تأكيد مصداقيتها للجميع، وواثق أيضاً من هذه المصداقية، وواثق في الوقت نفسه من أن فواتير العملاء خلال الفترة المجانية ستكون واضحة ولن تتضمن أية مبالغ، لكني مقتنع بأن كل هذا لا يكفي كي تؤكد الشركة مصداقيتها للملايين من عملائها وتحافظ عليهم وتكسب المزيد، بل يحتاج ذلك منها أن تكون واضحة شفافة أو على الأصح كتاباً مفتوحاً يسهل قراءته بحيث يشعر العميل والراغب في الانضمام مجدداً أنه أمام مقدم خدمة يرحب به ويفتح له ما شاء من أوراقه ليقتنع أنه لن يأخذ منه إلا الأجر الضروري لتغطية المصاريف وهامش الربح المقبول.